المهمشون في اليمن.. بين ثلاثية الحرب والفقر والعنصرية
تعاني الطبقات المجتمعية في اليمن من التمييز والعنصرية والحرمان، وتتوسع هذه الظاهرة من منطقة لأخرى اعتماداً على الكثير من المحددات لعل أبرزها العادات والتقاليد.
وفي كثير من المحافظات يعاني أصحاب البشرة الداكنة “المهمشين”، وتواجه ظروفاً معيشية صعبة تتفاقم مع الأيام، وزادت الحرب المستمرة منذ 6 سنوات في توسع تلك المعاناة وانعكاسها على مختلف تفاصيل حياتهم.
وفي حين أن الصراع في اليمن قد أثر بشدة على البلاد بأكملها، إلا أنه لم تشعر فئة بالحرمان أكثر مما شعر به “المهمشون”، الذين يعانون على مدى قرون من التمييز والفقر قبل اندلاع القتال في عام 2015.
ويعيش أغلب المهمشين في الأحياء الفقيرة في ضواحي البلدات والمدن مع وجود القليل من الفرص الاقتصادية، ويفتقرون إلى سبل الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل المياه والصرف الصحي والتعليم.
عنصرية مجتمعية
يتحدث لـ”يمن ستوري”، الناشط في مبادرة أساس لتنمية ودمج الفئات الأشد فقرا “علي الزبيدي”، قائلاً إن عدم الاعتراف بهذه الفئة من طرفي النزاع، واستمرار استخدامهم في الحروب هو إحدى المشكلات، حيث أثّر النزاع بشكل واسع على المهمشين الذين لم يستطيعوا إيصال أصواتهم للعالم.
وعلى المستوى اﻻجتماعي يتحدث الزبيدي أن المجتمع لا يتقبل فئة المهمشين، إذ لازال التزاوج وتكوين أسرة مع أفراد هذه الفئة ممنوعا إﻻ في إطار ضيّق يعتبر هامشيا، ويتأفف البعض من الأكل معهم، كما لاتزال النظرة الدونية على أساس اللون قائمة، والبعض يرفض القبول بهم كجيران يسكنون إلى جانبهم بحجة أنهم “قليلو أصل” وفق مفهوم القبيلة الضيق.
ويؤكد علي، وهو ناشط حقوقي، وحاصل على درجة البكالوريوس في القانون، أن المجتمع متمسك بشدة بأمثال تكرس العنصرية مثل “ﻻ تساير الخادم تصبح نادم”، أو “الخادم يومه عيده”، وأصبح المجتمع عبارة عن عصابات تتمترس خلف أفكار عنصرية ترفض القبول بالآخر وبأسلوب استعلاء.
تهميش إعلامي
ويضيف أن إحدى المشكلات التي تواجهها فئة المهمشين أيضاً هي عدم وجود مساحات معقولة لتناول قضايا المهمشين في مختلف وسائل الإعلام إﻻ ما ندر وتختلف أهدافهم عن أهداف الفئة، مشيراً أن عدم القدرة على التعبير عن هذه الفئة معضلة أخرى.
ولايزال ناشطو هذه الفئة معرضون للاعتقال والإهانة – يضيف علي- أن عدداً كبيراً من المهمشين صودرت أزراقهم بقطع رواتبهم أو النزوح من مناطق الصراع، وأصبحت الكثير من الأسر بدون أكل أو مأوى، ولم تتدخل المنظمات الدولية لتقديم المساعدة الإنسانية بطرق مستحقة.
معاناة اقتصادية
ويتابع: ﻻتزال رواتب عمال النظافة عند سقف 25000 ألف ريال (أقل من 50$)، في ظل غلاء اﻻسعار وارتفاع الإيجارات، الأمر الذي أدى إلى طرد عدد من اﻻسر من منازلهم أو تقاسم أكثر من أسرة منزل واحد، ولم تعد الكثير من الأسر قادرة على تلبية احتياجاتهم المعيشية.
ويُحرم المهمشون من الوظائف في القطاعات العامة والخاصة، والوظائف التي يجب أن يحصلوا عليها هي فقط النظافة، أو الخيار الآخر الأكثر مرارة وهي جبهات القتال لتحصل على وظيفة عسكرية، يقول الزبيدي.
وفيما تعطلت الكثير من مؤسسات الدولة نتيجة الحرب، يؤكد الناشط الحقوقي علي الزبيدي أن أقسام الشرطة غير مهتمة بتأمين هذه الفئة من بقية الفئات فشكواهم ليست ذات أهمية لكنهم عرضة للمساءلة إذا اشتكى الآخرون، والتحرش بالمهمشات أمر طبيعي عند أقسام الشرطة والمجتمع.
إهمال حكومي
ويمضي متحدثاً: من المشاكل التي نواجهها عدم نجدة المعتدى عليهم من هذه الفئة إذا اعتدى عليهم الآخرون، والحبس بدون مسوغ قانوني أي فرد بدون إبداء المبررات القانونية، وعدم المساواة في أقسام الشرطة والنيابات فمازال هناك شريف ووضيع، ويتم سجن أي فرد أو أسرة من هذه الفئة بمجرد شكوى من المجتمع وبدون محاكمة عادلة، كما يمنع الإفراج عن أي متهم منهم قضى مدته إﻻ بغرامه ﻻيقدر على دفعها ليظل مسجوناً أضعاف المدة، ويتعرض بعض المهمشين للتعذيب أثناء التحقيق في أقسام الشرطة والبحث الجنائي.
وفي حين لايعرف العدد الفعلي لـ”المهمشين”، فإن التقديرات تترواح بين نصف مليون إلى 3.5 مليون شخص، يقيم معظمهم في محافظات الحديدة وتعز وإب ولحج والمحويت وحجة وحضرموت.
وبحسب المجموعة الدولية لحقوق الأقليات ومقرها لندن، يوجد جدل حول الأصول العرقية، حيث يعتقد البعض أنهم يتحدرون من عبيد أفارقة أوجنود إثيوبين من القرن السادس، بينما يعتقد آخرون أنهم من أصول يمنية.
وأجبرت سنوات الصراع في اليمن ما يقرب من أربعة ملايين يمني على الفرار إلى أماكن أخرى في البلاد بحثًا عن الأمان، وتشكل النساء والأطفال الغالبية العظمى منهم 76 في المائة، وفي عام 2020 وحده، كان هناك حوالي 172,000 شخصًا من النازحين حديثًا في البلاد، مما جعل اليمن رابع بلد من حيث عدد النازحين داخليًا على مستوى العالم، بحسب مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.
المصدر | يمن ستوري/ مصعب عفيف/يحيى شرف