“مخبز زبيد” .. ملاذ لآلاف الجائعين في اليمن
فكرة ماليزية لرد الجميل لعلماء زبيد ومساعدة المحتاجين
في بلد مثل اليمن يعاني معظم سكانه من الفقر والحرب منذ أربع سنوات، يكافح شبان يمنيون الجوع الذي يهدد سكان بلادهم بجهود ذاتية وإمكانيات بسيطة، لمساعدة المحتاجين والنازحين الذين يبحثون عن الغذاء الذي يبقيهم على قيد الحياة.
ومن بين هؤلاء يعمل “محمد مهدي” ومجموعة من رفاقه على مساعدة الفقراء والجوعى، عبر مخبز خيري في مدينة زبيد التاريخية غربي اليمن، والتي تحولت إلى مأوى لآلاف النازحين الفارين من قراهم ومناطقهم في محافظة الحديدة، بعد أن وصلت المعارك إلى منازلهم وشردتهم منها.
فكرة ماليزية !
يقول “مهدي” إن مشروعهم الخيري انطلق في نوفمبر من العام 2017م، وبدأت الفكرة على يد مجموعة من طلاب العلم الأجانب الوافدين من “ماليزيا”، والذين يتلقون العلوم الإسلامية في المدارس والجوامع التاريخية في زبيد، المدينة التي تمتلك حضارة عريقة ويتجاوز عمرها 2400 سنة.
أراد طلبة العلم الماليزيين رد الجميل لعلماء المدينة الذين تتلمذوا على يدهم، وجاءت فكرة المخبز الخيري بعد أن عاصروا حال الأهالي المطحونين بالفقر المدقع، وعدم وجود مهن تقيهم حالة التسول التي اقترب منها الكثير في ظل الحرب، وتفشي الأوبئة والمجاعة في ظل انهيار الوضع الإقتصادي وتردي الأوضاع المعيشية.
ابتداء المخبز الخيري بتقديم الخبز لنحو 750 عائلة فقط، ومع تطور المشروع تدخل خيرون عبر تقديم التبرعات المالية وتوفير أدوات تشغيلية، مثل (البترات، والمعاجن الخشبيه) الخاصة بالمخبز، بالإضافة لتقديم كميات من الطحين والقمح، وتمكن المخبز من تقديم الخبز بشكل يومي لأكثر من 4800 عائلة يمنية، من فقراء المدينة والنازحين إليها وحتى العابرين من المدينة فقط، بحسب ما يؤكد مهدي.
بذرة صغيرة لكنها تنمو
يتابع الطلاب الماليزيون نمو وتطور هذه الفكرة والمشروع الخيري، لكن مجموعة من شباب المدينة هم من يديرون المخبز الذي يعمل بداخله نحو 15 عامل يعملون على تحويل 10 أكياس من الدقيق (القمح المطحون)، إلى خبز يطعم آلاف الأطفال الذين تتربص بهم المجاعة، وتتم عملية توزيع الخبز بشكل مجاني عبر عشرين نقطة توزيع (بقالات ومحلات بيع مواد غذائية).
ويؤكد “مهدي” وهو أحد الناشطين المعروفين في زبيد، بأن هذه المبادرة الإنسانية تقدمت خطوة جديدة في شهر رمضان الجاري، وتم إعداد مطبخ خاص يقدم وجبة عشاء على نفقة متبرعين وفاعلي خير، ويحضر 20 عاملا في المطبخ بشكل يومي خلال شهر رمضان، نحو 10 أكياس من الأرز، وكمية من الخضار المطبوخ، ويوزع على ذات العائلات الفقيرة المستفيدة من المخبز.
وفي ظل غياب الجمعيات الخيرية التي توقفت بفعل الحرب، والمنظمات التي لا تصل مساعداتها لكل اليمنيين، تقدم هذه المجموعة الشبابية بين فترة وأخرى مساعدات غذائية يتبرع بها خيرون ورجال مال، للعائلات المحتاجة والأشد فقرا، بالإضافة لتقديم اللحوم خلال المناسبات والأعياد الدينية، وبذلك يدخلون الفرحة على أطفال فقدوها بسبب الفقر والحرب.
معاناة تفاقمها الحرب
ويأتي رمضان هذا العام في ظل حالة استثنائية يعيشها سكان محافظة الحديدة، مع استمرار المعارك داخل المدينة وضواحيها، وما خلفته المعارك من تشرد ونزوح الآلاف من السكان، وتوقف أعمال أكثر من 20 ألف عامل نتيجة الدمار الذي لحق بالمجمعات الصناعية المتواجدة، في منطقة كيلو 7 شرق الحديدة، وفاقمت المعارك من معاناة السكان الذين يعيشون أوضاع مأساوية منذ أربعة أعوام، ويواجه السكان شبح المجاعة والأوبئة القاتلة كالكوليرا والضنك وسوء التغذية وغيرها.
وبلغ عدد العائلات النازحة من الحديدة إلى جميع أنحاء البلاد أكثر من 174 ألفا، تمثل أكثر من مليون و48 ألف فرد، خلال الفترة بين يونيو 2018 و15 يناير/كانون الثاني 2019، بحسب تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن.
وتوصّل طرفا النزاع لاتفاق ستوكهولم في السويد مطلع كانون الأول/ديسمبر 2018، نصّ على سحب جميع المقاتلين من مدينة الحديدة، ومن مينائها الحيوي ومن ميناءين آخرين، لكن الاتفاق لم يطبّق بعد، ولم يحمي المدنيين طوال 5 أشهر، فقد قتل أكثر من 140 مدنياً فيما جرح 811 آخرين أغلبهم من النساء والأطفال، خلال هذه المدة بحسب تقرير للحكومة اليمنية.
المصدر| يمن ستوري/ القصة الكاملة