ندرة المياه .. تحذيرات من التصحر والجفاف في اليمن نتيجة الحرب المستمرة
حذر موقع ” لوب لوغ ” الأمريكي أنه في الوقت الذي يقاتل فيه الحوثيون المدعومون من إيران القوات التي تدربها الإمارات والسعودية في جميع أنحاء اليمن، فإن شبكات إمدادات المياه المتوترة بالفعل في البلاد تجف، فالجمود المستمر في ساحة المعركة قد حجب واقعا ينبغي أن يهم جميع اليمنيين: فكلما طال أمد الصراع، زاد الخطر الذي سيلحقه التصحر والجفاف والمجاعة باليمن بشكل لا يمكن إصلاحه.
وأكد الموقع في تقرير له، بإنه قبل عامين من بدء الحرب اليمنية بشكل جدي في 2013، تنبأ بعض الخبراء بأن العاصمة اليمنية صنعاء ستخسر إمدادات المياه في غضون 10 سنوات، ومنذ ذلك الحين، أدى مزيج قاتل من تغير المناخ والعنف السياسي إلى تفاقم ندرة المياه في البلاد.
ونقل الموقع عن عبد الرزاق صالح، وزير المياه والبيئة اليمني السابق، إن اليمن تعتبر أكثر البلدان فقراً بالمياه في العالم، مضيفا “إنها إحدى الدول التي لا توجد بها أنهار، وقد انخفض معدل هطول الأمطار بشكل كبير على مدار العقود الثلاثة الماضية، في حين تعاني العديد من المدن والقرى اليمنية من ندرة المياه – خاصة في فصل الشتاء، مشيرا أن تعز في هذه الأيام بدون ماء عمليا.
وقد عانت مدينه تعز اليمنية، المحاصرة من قبل الحوثيين منذ 2016، من ندرة المياه لعقود، وقد أشار البنك الدولي إلى “وضع المياه المتردي والمتفاقم” منذ عام 2000، كما أدى الحصار إلى تأجيج هذه المشكلة، مما أجبر سكان تعز على شراء المياه من السوق السوداء.
ويضيف التقرير “في أماكن أخرى في اليمن، أدى الجفاف إلى الحد من الزراعة، التي كانت توظف أقل من نصف اليمنيين في عام 2018، في حين جعلت زراعة المحاصيل الكثيفة المياه مثل القات، وهو من المخدرات التي تحظى بشعبية في جميع أنحاء البلد، الأمور أسوأ، وتنبأت وكالة المساعدات ميرسي كوربس بأن اليمن يمكن أن يجد نفسه “على شفا المجاعة” في أي وقت من الأوقات.
ويرى توفيق الشرجبي، نائب وزير المياه والبيئة اليمني أن زراعة محاصيل مثل القات والفواكه والخضروات – تستهلك حصة الأسد من المياه المتوفرة في اليمن بحوالي 90 في المائة”، بدورهم، لا يحصل سوى 55 في المائة فقط من الأسر اليمنية على مياه الشرب المأمونة، ويتقلص هذا العدد إلى 35 في المائة في المناطق الريفية. فمعظم الآبار المحفورة للأغراض الزراعية غير قانونية، ولكن قدرة الحكومة اليمنية على تطبيق هذه القواعد ضعيفة.
ويضيف الشرجبي أن الحكومة اليمنية تعمل في مجال إدارة الموارد المائية منذ التسعينيات، مشيرا إلى أن تأسيس وزارة المياه والبيئة اليمنية في عام 2003 جاء كتعبير عن الاهتمام الكبير للحكومة اليمنية بالمشاكل المتعلقة بالمياه ، وقد أدت الإصلاحات اللاحقة إلى تحسين حجم ونوع شبكات الإمداد بالمياه في المناطق الريفية والحضرية على حد سواء، إلا أن العنف السياسي أدى إلى تباطؤ قدرة وزارة المياه والبيئة اليمنية على التعامل مع الأزمة الإنسانية.
وعمل موظفو الخدمة المدنية اليمنية لفترة طويلة للتغلب على هذه العقبات، في محاولة لوضع خطة للتخفيف من مخاطر ندرة المياه في أفقر البلدان في شبه الجزيرة العربية.
لكن الحرب تسببت في تعليق العديد من المشاريع التي تهدف إلى معالجة ندرة المياه، وفي 2013، كان لدى الحكومة استراتيجية للتعامل مع هذه المشكلة، لكن الهجوم الذي شنه الحوثيون في 2014 أعاق العديد من المبادرات الذي كان تحلية المياه في مقدمتها.
وفي عام 2015 ، كان 13 مليون يمني يفتقرون إلى إمكانية الوصول الموثوق إلى مياه الشرب، وقد ساهمت ندرة المياه الصالحة للشرب وتدمير مياه الصرف الصحي خلال الحرب الأهلية اليمنية في تكرار تفشي الكوليرا في اليمن، وهي أزمة بالكاد تملك الأمم المتحدة الموارد اللازمة لمعالجتها، كما منع العنف المسؤولين اليمنيين من التعامل مع الاحتباس الحراري، الأمر الذي سيكثف ندرة المياه في البلاد بالإضافة إلى زيادة وتيرة الطقس القاسي.
وشدد الشرجبي أن “توفر المياه تأثر في اليمن بشدة نتيجة الأحداث الحالية”، حيث توقفت جميع الآبار المرتبطة بالشبكة الكهربائية العامة عن العمل، في الوقت نفسه، ارتفع سعر الوقود بشكل كبير، مما رفع من تكلفة إستخراج المياه بإستخدام المضخات التي تعمل بالديزل، ومع استمرار الإشتباكات والميليشيات في السيطرة على العديد من المدن، انخفضت قدرة المؤسسات اليمنية على العمل بشكل كبير، وقد رافق كل هذه التطورات تدهور العملة الوطنية والتدخلات السياسية من قبل الميليشيات، مما ساهم في المشكلة “.
وأشار الموقع الى أنه إذا أراد المجتمع الدولي منع الحرب الأهلية اليمنية من أن تصبح أزمة إيكولوجية وإنسانية دائمة، على القوى الإقليمية والعالمية تسريع عملية السلام في اليمن ومساعدة وزارة المياه والبيئة اليمنية في الاستجابة لتغير المناخ وندرة المياه، وعلى الرغم من أن المنظمات الحكومية الدولية مثل برامج الأمم المتحدة للتنمية والبيئة قد دعمت الجهود اليمنية للاستعداد للاحتباس الحراري، إلا أن علي المجتمع أن يذهب إلى أبعد من ذلك.
وخلص التقرير إلى أن إنهاء الحرب الأهلية اليمنية يمكن أن يوفر للبلاد المقسمة السلام والوحدة التي ستحتاجها لإيجاد حل طويل الأجل لندرة المياه، وعلى الرغم من وجود فجوه واسعه بين الحوثيين والحكومة اليمنية، إلا أن اليمنيين بمختلف أطيافهم السياسية يدركون أن مستقبل الجفاف والمجاعات الدائمة يمثل تهديدا أكبر بكثير لليمن من الطائفية والإرهاب، بدورهم، يحذر المسؤولون في وزارة المياه والبيئة اليمنية من أن اليمنيين وشركاءهم في المجتمع الدولي يجب أن يتصرفوا بسرعة لمنع ندرة المياه من الخروج عن السيطرة.