صيادو الحديدة لا يعملون
يعيش الصيادون في محافظة الحديدة أوضاعاً معيشية صعبة، من جرّاء الوضع العسكري في المحافظة على الرغم من توقف المواجهات، إذ إنّهم ممنوعون من الإبحار.
توقف معظم الصيادين في محافظة الحديدة، غربي اليمن، عن العمل بعد تحذيرات التحالف السعودي – الإماراتي وجماعة أنصار الله (الحوثيين) على حدّ سواء، من احتمالات استهدافهم في حال الإبحار، ما يعرّضهم للبطالة، ويضع أسرهم في دائرة الخطر.
يقول حسن فتيني، أحد المتضررين، إنّ مئات الصيادين أجبروا على ترك مهنة الصيد، منذ بدء العمليات العسكرية في الحديدة، خوفاً من استهداف قوات التحالف لهم، لا سيما بعد سقوط عدد من الضحايا. يضيف لـ”العربي الجديد” أنّ الصيادين لا يجدون ما يطعمون به أطفالهم بعد فقدانهم أعمالهم “ويعتمدون حالياً على المساعدات التي تُقدمها المنظمات الإنسانية والإغاثية”. يشير فتيني إلى أنّ “قلة من الصيادين ما زالوا مستمرين في أعمالهم، بالرغم من خشيتهم من قصف البوارج الحربية وطيران التحالف لقواربهم باعتبارها قوارب تابعة لجماعة الحوثيين”.
أما الصياد سالم عبد الله، فيصف الوضع الذي يعيشه الصيادون في محافظة الحديدة بـ”المأساوي”. يقول لـ “العربي الجديد”: “قبل بدء الحرب كنا نخاف من حوادث الغرق الناتجة عن أحوال الطقس السيئة، والقراصنة في البحر، لكن الآن نخاف من الغارات الجوية لطيران التحالف والألغام البحرية التي زرعها الحوثيون”. يؤكد عبد الله أنّ كثيراً من العاملين في مهنة الصيد قتلوا وأصيبوا خلال السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى آخرين اعتقلتهم قوات التحالف وجماعة أنصار الله أثناء العمل، لافتاً إلى أنّ الصيادين باتوا مُخيرين بين الموت جوعاً في منازلهم أو المخاطرة والعمل في البحر. يضيف: “توقفت عن الصيد، وأبحث حالياً عن عمل آخر يوفر الحد الأدنى من المتطلبات الأساسية لأسرتي”.
تعيش الوضع نفسه أسرة عبد الله التهامي، لتوقفه عن الصيد بسبب الحرب. يقول لـ”العربي الجديد”: “أصبحنا عالة، ننتظر المساعدات مع نهاية كلّ شهر. الوضع محزن، خصوصاً أنّي أشتاق لمهنتي، وأشتاق للبحر”. يضيف التهامي أنّ المساعدات التي يحصلون عليها لا تكفي أسرته، مطالباً أطراف النزاع بالسماح لهم بالصيد: “يمكنهم أن يسمحوا لنا بالعمل في مناطق محددة وأوقات معينة. لا يجب أن يمنعوا عنا العمل بشكل تام”.
دفعت المواجهات في الحديدة كثيراً من الصيادين ومعاونيهم وأصحاب محال بيع الأسماك إلى خانة البطالة. يقول محمد الحسني، رئيس ملتقى الصيادين اليمنيين، إنّ طوابير طويلة من الصيادين في الحديدة انضمت إلى قائمة البطالة بعد توقفهم عن العمل.
يضيف لـ”العربي الجديد” أنّ الصيادين يبحثون عن لقمة العيش ولا يشكلون خطورة على أحد، ويجب تحييدهم من العمليات العسكرية. يشير إلى أنّ استهدافهم “جريمة كبرى، ويجب على الجميع إدانتها بما فيها المنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني والمعنية بذلك بشكل رئيس”. يؤكد الحسني أنّ الصيادين لا يستطيعون العمل في أيّ مهنة غير الصيد، وتركهم العمل مع معاونيهم وبائعي الأسماك يعني فقدان آلاف الأسر مصادر دخلها. يوضح الحسني أنّ أكثر من 75 في المائة من الصيادين توقفوا عن العمل، فيما البقية “تغامر بحياتها، إذ إنّ فرص النجاة قليلة جداً، في ظل استمرار طيران التحالف بقصف قوارب الصيادين أو اعتقالهم في أحسن الأحوال”.
يضيف: “هناك 44 صياداً ما زالوا في سجون قوات التحالف العربي، منهم من وصلت مدة سجنهم إلى ثلاث سنوات، من دون أيّ تهمة غير البحث عن رزق في عرض البحر، كما أنّ 63 صياداً معتقلون لدى السلطات الإريترية، وتُمارَس ضدهم انتهاكات كبيرة، إذ يُجبرون على أداء أعمال شاقة، وتجرى مصادرة قواربهم وممتلكاتهم الشخصية” وذلك في استغلال لضعف الحكومة اليمنية بسبب الحرب.
إلى ذلك، يقول الحقوقي والإعلامي، عبده مخاوي، إنّ المواجهات المسلحة والغارات الجوية لطيران التحالف العربي والألغام البحرية تسببت في معاناة صيادي المدينة، ودفعت بهم إلى رصيف البطالة بعدما كانت مهنة الصيد مصدر دخلهم الوحيد منذ سنوات بعيدة. ويوضح مخاوي، لـ”العربي الجديد” أنّ أكثر من 10 آلاف صياد أصبحوا عاطلين من العمل بسبب عدم قدرتهم على النزول إلى البحر خوفاً على حياتهم. ويشير مخاوي إلى ضرورة تدخل المنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني، والسماح للصيادين بمُمارسة الصيد من أجل توفير لقمة العيش لهم ولأطفالهم من دون أيّ مخاوف. يؤكد أنّ أسر الصيادين تعيش أوضاعاً بالغة الصعوبة، وتعتمد على مساعدات المنظمات الدولية، فإذا انقطعت بدورها، ستتسبب في كارثة لها.