المعلمون في اليمن .. مشردون وبلا رواتب في زمن الحرب
التحق المعلم اليمني إبراهيم عبدالله بأحد قوارب الصيد في الحديدة، في رحلة جديدة محفوفة بالمتاعب للانخراط في مهنة جديدة عليه، بعد أن انقطعت رواتب المعلمين لثلاث سنوات مع سيطرة جماعة الحوثي على صنعاء.
أما الأستاذ المسن عبده علي فحاول عدة محاولات لفتح بسطة خاصة به داخل سوق غليل وسط الحديدة، فبدأ بيع الخضار ثم فشل وعاد لبيع الماء على الرصيف تحت أشعة الشمس التي لا ترحم عمره الذي تجاوز خمسين سنة.
كانت تلك معاناة المعلمين منذ أغسطس/آب 2016 حيث يعيش أكثر من مليون موظف يمني، في العاصمة صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين دون رواتب، من بينهم 242 ألف معلم، بحسب تقرير وزارة التخطيط والتعاون الدولي.
غالبية المعلمين بلا رواتب
ويقيم 28% من المعلمين في مناطق سيطرة الحكومة ويتسلمون رواتبهم بانتظام، و72% من بقية المعلمين الموجودين في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين لم يتسلموا رواتبهم حتى اليوم، عدا محافظة الحديدة التي بدأت الحكومة الشرعية منذ أشهر قليلة صرف مرتبات المعلمين فيها.
وظل المعلمون خلال سنوات الحرب الأربع الأخيرة يكافحون بين تأمين لقمة العيش وقدسية المهنة بعد أن توقفت رواتبهم بصورة تامة، لكن الحرب تسببت في انهيار شامل للمنظومة التعليمية، مما يضع مستقبل مئات الآلاف من الأطفال على المحك، فجيل كامل مهدد بالأمية، فمئات المعلمين شردتهم المعارك وآخرون معتقلون ناهيك عن مئات المنخرطين في القتال.
ويتراوح راتب المعلم بين 60 و80 ألف ريال (ما يعادل 100 و130 دولارا أميركيا) شاملا الحوافز والمكافآت، وهو مبلغ لا يفي بأقل متطلبات الحياة، فمتوسط إيجار المنزل يبدأ من 40 ألف ريال (66 دولارًا).
مليوني طفل بلا تعليم
المجلس النرويجي للاجئين، أكد أن الآلاف من المعلمين وموظفي الخدمة المدنية في اليمن، لم يستلموا رواتبهم منذُ أكثر من ثلاث سنوات، وأضاف بمناسبة احتفال العالم بيوم المعلم العالمي والذي يصادف الخامس من شهر أكتوبر من كل عام، أن منذ ما يربو عن ثلاثة أعوام يبقى غالبية المعلمين في اليمن بدون رواتب وذلك يؤثر على ما يقارب 10,000 مدرسة ونحو 4 ملايين طالب.
وتقول منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، إن المعلمين لا يستطيعون الوصول إلى مدارسهم أو اضطروا إلى البحث عن فرص أخرى لكسب العيش لإعالة أسرهم، وذلك بسبب عدم انتظام الرواتب والنزاع والأزمة الاقتصادية المستمرة، وشددت أن وضع قطاع التعليم في اليمن مروع، مشيرة أن أكثر من مليوني طفل، من أصل 7 ملايين في سن المدرسة، محرومون من التعليم.
وأوضحت المنظمة الأممية أن البنية التحتية للمدارس قد تضررت بشدة، كما أن المواد التعليمية شحيحة، ولم يعد بالإمكان استخدام واحدة من كل خمس مدارس في اليمن بسبب الأضرار التي لحقت بها أو لاستخدامها في أغراض عسكرية أو لإيواء النازحين.
وتحدثت المنظمة عن منحة قدمت نهاية العام الماضي للمعلمين، غير أن تلك المنحة لم يتم التوقيع عليها إلا في مايو/أيار الماضي، وجرى صرف المنحة على دورات، كان آخرها في يوليو/تموز الماضي، ووزعت المنحة المالية على 127 ألف معلم وموظف، بواقع 50 دولارا على كل معلم ومعلمة، وتكاد تكون المنحة المالية هي الوحيدة للمعلمين، لكن من المؤكد أنها لا تمثل للمعلمين أي قيمة تذكر، فخمسون دولارا مبلغ زهيد جدا في مقابل ارتفاع أسعار السلع والخدمات إلى 400%.
وبينما يحتفل العالم في الخامس من أكتوبر من كل عام باليوم العالمي للمعلم اعترافا وتكريما لجهوده في بناء المجتمعات الإنسانية، يعيش المعلم اليمني يعيش حياة مريرة لا يستوعبها عقل، فقد أصبح العشرات من المعلمين يجوبون الشوارع لفقدانهم عقولهم ودخولهم دائرة الجنون بسبب الأوضاع الاقتصادية والانسانية المتردية.
المصدر| يمن ستوري/القصة الكاملة