في زمن الحرب .. المرأة اليمنية تتخلى عن حقوقها للبحث عن غذاء
زادت الحرب وويلاتها من تدهور وضع النساء في اليمن، ومنذ زمن طويل تقبع اليمن في المرتبة الأخيرة للترتيب العالمي للمساواة بين الجنسين، ورغم ذلك يبقى هناك تفاؤل في هذا الشأن، كما تشير إلى ذلك الناشطة النسوية اليمنية سهى بشارين.
وحصلت النساء في الحقيقة في اليمن قبل أكثر من 50 عاما على حق التصويت، لكن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية أو الثقافية الأخرى ظلت مقيدة جدا، فالبلاد تحتل منذ 13 عاما على التوالي المرتبة الأخيرة في تقرير منتدى الاقتصاد العالمي، وتشويه الأعضاء التناسلية النسوية مازال معمولا به في الكثير من المواقع، وداخل المستشفيات تُحرم النساء بدون موافقة أحد الأقارب الذكور في الغالب من تلقي العلاج.
والخطوات الصغيرة التي تحققت في اتجاه المساواة بين الرجل والمرأة تدمرت من جديد منذ أن طرد المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران، في بداية 2015 الرئيس المعترف به دوليا عبد ربه منصور هادي واحتلوا العاصمة صنعاء. ويحاول تحالف تقوده العربية السعودية بضربات جوية طرد الحوثيين ـ ما يؤدي أيضا إلى مقتل مدنيين أبرياء.
نجاح استثنائي
بشارين تعيش في عاصمة اليمن صنعاء مع زوجها وطفليها، وأوقات السلم لا يعرفها في الحقيقة أبناء بشارين، وبالنسبة إليها كأم تعني الحرب التأكيد للصغار باستمرار أن كل شيء سيكون على ما يرام في الوقت الذي تسمع فيه انفجار القاذفات الجوية. “كآباء نحاول عدم الكشف عن الخوف حتى ولو أننا لا نقدر على تحمل ذلك”.
ومن الناحية العملية تعني الحرب أنها تحاول تغيير اليمن رغم كل المصاعب إلى بلد أفضل للنساء وتبيان آفاق لهن. وكخبيرة في حقوق النساء لدى منظمة الإغاثة الدولية Care فهي تعمل على تغيير التقاليد الاجتماعية والثقافية في بلدها. وأهم المجالات في عمل بشارين تتمثل في التعليم بخصوص قضايا الصحة والاندماج الفعلي للنساء في جهود السلام إضافة إلى الأمن الغذائي. وحتى لو أن الحرب تبقى فظيعة، فإنها تقول بأن إمكانيات جديدة تنفتح أمام اليمنيات.
وما يحفز بشارين هي أيضا قصة نجاحها، لقد وُلدت في عدن على الشاطئ الجنوبي الغربي لليمن ودرست في بريطانيا، وبهذا تكون بشارين حالة استثنائية: فبالنسبة إلى غالبية اليمنيات تبقى الاستقلالية والتعليم حلما بعيد المنال، لا سيما في الأرياف.
الأكثر عرضة للضرر
وبعد نحو نصف عقد من الزمن من الحرب على السلطة يبقى نحو 24 مليون يمني، يعني 80 في المائة من مجموع السكان محتاجين إلى المساعدة الإنسانية. وبما أن عددا كبيرا من الرجال يصابون بجروح أو يُقتلون أو يشاركون في المعارك، فإن النساء مجبرات على مواجهة تحديات جديدة. فهن يجدن أنفسهن في غياب الرجال في المسؤولية ووجب عليهن كسب قوت عائلاتهن.
“في غالبية أنحاء اليمن يكون التقليد أن تنشغل النساء بأعمال البيت في الوقت الذي يكسب فيه الرجال المال”، كما تقول بشارين.
“وهذا لا يعني تبرير العنف المنزلي، لكنه في حال عدم استمرار توزيع الأدوار، فإن ذلك يولد حالة من التذمر. وحالات العنف المنزلي زادت أثناء الحرب”. وحسب صندوق السكان للأمم المتحدة فإن أكثر من ثلاثة ملايين امرأة وبنت يمنية مهددة لتصبح ضحية العنف بين الجنسين.
نقص الغذاء
“في الحرب”، كما تقول بشارين “أنت منشغلة بتوفير الغذاء عوض التحدث عن حقوق النساء”، يعتمد عشرة ملايين شخص على المساعدات الغذائية.
وحتى في هذا المجال تكون النساء معنيات أكثر من الرجال مثلا عندما يكن حوامل أو يرضعن، وتفيد تقارير رسمية بأن أكثر من مليون يمنية من الحوامل والمرضعات يعانين من نقص في الغذاء، لأنهن لا يحصلن على ما يكفي من الأكل وليس لهن منفذ للرعاية الصحية.
وتفيد بشارين بأن بعض العوائل تتلقى وجبة أكل واحدة في اليوم، وفي الغالب ما يأكل الرجال قبل النساء بحيث لا يبقى لهن أحيانا شيء.
خطوات صغيرة
وبالرغم من الدمار الذي تحدثه الحرب، فإن بشارين تأمل في أن تحصل النساء على آفاق مستقبلية أفضل، وتعترف بالقول: “هذا لن يحصل بين عشية وضحاها”، وأضافت:” لكننا نلاحظ أن النساء تحول مهاراتهن التقليدية مثل الطبخ والخياطة إلى نماذج تجارية إذا حصلن على الدعم الضروري ويلتحقن بالمدرسة”.
والتحول الاجتماعي يجب، حسب وجهة نظر بشارين أن يحصل أولا داخل كل عائلة.
وأحيانا ينتعش الأمل في السلام داخل البلاد الصغيرة فجأة. فالمبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيت قال مؤخرا بأن عرض المتمردين الحوثيين المتمثل في وقف الهجمات على العربية السعودية قد ينهي الحرب. وإيران أثارت تقديم خطة سلام للمنطقة لوقف دوامة التصعيد.
لكن العمليات القتالية تستمر في اليمن، وتقول بشارين بأنه بعد خمس سنوات على تفجر الحرب، فإن السكان مازالوا قادرين على المقاومة، “لكن الجميع مصدوم، والحرب يجب أن تتوقف”.
المصدر| يمن ستوري/ DW