الحرب تدمر مستقبل أطفال اليمن

قبل أربعة أعوام كان التلميذ اليمني محمد قاسم يجهز حقيبته المدرسية استعداداً للذهاب إلى المدرسة، لكنه اليوم يتجه إلى بوفيه ليعمل في إعداد الإفطار للعاملين بالأجرة اليومية في شارع القاهرة وسط العاصمة صنعاء.

يبذل محمد (11 عاماً) جهداً كبيراً وهو يقف على صندوق خشبي يمكّنه من تقليب الخبز على الصاج المرتفع.

وينتهي عمله عند الساعة 10 صباحاً، وقبل أن يغادر يحرص المدير على التأكيد عليه بالحضور مبكراً في الفترة المسائية.

وفي طريق عودته إلى المنزل، يمر على مدرسة “سبأ” حيث يصادف زملاءه وهم يغادرون المدرسة، خصوصا طارق الذي يخاطبه قائلا “أتمنى أن أصير مثلك، تكسب المال وتشتري هاتف جالاكسي إس 6” فيرد عليه بثقة “أخبر والديك بأنك تريد أن تعمل، قل لهم سأوفر كل يوم 500 ريال (0.75 دولار).

ولم يكن حال الطفل أنور حميد -الذي غادر قريته ذمار (وسط اليمن) قاصدا صنعاء من أجل العمل بصياغة الذهب- مختلفاً، ويقول “حال أسرتي صعب، كدنا نموت من الجوع” مضيفا أنه اتخذ قراراً لمساعدة أسرته للحصول على المال.

ويعمل حميد (15 عاماً) بصياغة الذهب، وتبدأ ساعات دوامه عند التاسعة صباحا وتنتهي الواحدة ظهراً، ليأخذ استراحة قصيرة للغداء، ومن ثم يعود للعمل في الثالثة بعد الظهر وحتى الواحدة من صباح اليوم التالي.

ويأمل الطفل -الذي ينحدر من قرية بمحافظة ذمار (وسط اليمن)- أن يستمر في عمله طول العمر حتى لا تجوع أسرته مجدداً، فهم كما يقول “عشنا ظروفا صعبة، أمي كانت تتلوى من شدة ألم الكلى، ولم نتمكن من شراء الدواء لها”.

وأول أمس الأحد، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” ، إن أكثر من 2 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة، بسبب الحرب الدائرة في اليمن.

وذكرت المنظمة في بيان لها أنها بدأت في صرف حوافز لأكثر من 136,000 معلماً وموظفاً في المدارس في اليمن ممن لم يتلقوا رواتبهم منذ أكثر من عامين، من أجل المساعدة على إبقاء الأطفال في المدرسة والاستمرار في التعليم.

وحسب البيان، يُتطلب من المعلمين والموظفين العاملين في المدرسة الخضوع لعملية تحقق كشرط مسبق للدفع. استفاد أكثر من 97,000 معلم من الدورة الأولى لعملية الصرف.

وأكدت أن “وضع قطاع التعليم في اليمن مروع، ومن أصل 7 ملايين طفل في سن المدرسة ، هناك أكثر من 2 مليون طفل خارج المدرسة”.

وأشارت إلى أن البنية التحتية للمدارس تضررت بشدة، كما وأن مواد التعليم شحيحة، ولم يعد من الممكن استخدام واحدة من كل خمس مدارس في اليمن بسبب الضرر الذي لحق بها أواستخدامها بأغراض عسكرية أو لإيواء عائلات نازحة.

وأفادت، بدون رواتب منتظمة وبسبب النزاع والأزمة الاقتصادية المستمرة، لم يتمكن المعلمون من الوصول إلى مدارسهم، أو اضطروا إلى البحث عن فرص أخرى لكسب العيش لإعالة عائلاتهم.

وأكد المنظمة في بيانها أن توفر الحوافز المقدمة من اليونيسف للمعلمين المؤهلين والعاملين في المدارس دفعة شهرية تعادل 50 دولار وبالعملة المحلية، حتى يتمكنوا من مواصلة التدريس والمساعدة في منع انقطاع المزيد من الأطفال عن الدراسة. يغطي هذا البرنامج الموظفين في أكثر من 10,300 مدرسة يرتادها حوالي 3,7 مليون طفل.

وتقول المنظمات الحقوقية إن تواجد الأطفال وقت النزاع في المدرسة توفر ملاذاً وشعوراً بالحياة الطبيعية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى