نور .. لاجئة يمنية تقطع الصحاري والبحار على مدى 8 أشهر وصولاً إلى بريطانيا
استطاعت لاجئة يمنية، بعد رحلة استمرّت لأكثر من 8 أشهر، الوصول إلى بريطانيا، بعدما هربت من الحرب الدائرة في بلادها. وقد سلّطت صحيفة “ذا غارديان” الضوء، على رحلة اللاجئة التي اتخذت لنفسها اسم نور، في تقرير نشرته أمس الثلاثاء، مشيرة إلى أنّ نور عبرت حدود ثماني دول واثنتين من الصحاري، وأحد البحار للوصول إلى المملكة المتحدة وتقديم طلب اللجوء.
وتقول الصحيفة البريطانية إنّ نور اليمنية، ابنة الـ29 ربيعاً، “شعرت بأنّ حياتها مهدّدة فسافرت وحيدة برفقة المهرّبين وبعض المهاجرين اليائسين”، في بلد ليس من المعتاد أن تقوم إحدى نسائه بالشروع في رحلة كهذه بدون مرافقة أحد من ذويها. لكنها كانت مصمّمة على الفرار، ليس فقط لأنّ حياتها كانت في خطر محدق وإنّما أيضاً على أمل إنقاذ أطفالها الأربعة من الحرب الأهلية اليمنية، حال وصولها إلى برّ الأمان، بحسب الصحيفة.
وتشير “ذا غارديان” إلى أن نور كانت “قد تزوّجت بالإكراه وهي في الرابعة عشرة من عمرها، ولكنها انفصلت عن زوجها فيما بعد لتصبح ناشطةً في ميدان حقوق الإنسان، مع تركيز اهتمامها على حقوق الفتيات في التعليم وعدم إرغامهن على الزواج وهنّ قاصرات”.
وتقول نور إنّ الوقت ينفد أمام محاولاتها لجلب ابنتها وأبنائها الثلاثة الأصغر سناً للعيش بأمان إلى جانبها. وتتعرّض ابنتها الكبرى لاحتمال إرغامها على الزواج في اليمن وهي لم تزل طفلةً. وتوضح للصحيفة، وهي تصف الأشهر الثمانية التي استغرقتها رحلتها: “لقد عانيتُ الكثير”. وعن تفاصيل رحلة نور الطويلة والمشقات التي تعرضت لها، تقول الصحيفة إن الرحلة بدأت في الرابع عشر من نوفمبر/تشرين الثاني عام 2019، على متن طائرة، أعقبتها رحلة برية بسيارة (جيب) عبر الصحراء الأولى، ومن ثم مشياً على الأقدام عبر الثانية قبل الوصول إلى أوروبا، لينتهي بها المطاف على متن زورق صغير، يأخذها من (كاليه، على الحدود مع فرنسا) إلى المملكة المتحدة في شهر يوليو/تموز عام 2020. وتشير الصحيفة إلى أن اللاجئة اليمنية عبرت كلاً من مصر وموريتانيا ومالي والجزائر والمغرب وإسبانيا، وأخيراً فرنسا، حتى وصلت إلى بريطانيا
لم تستطع نور أخذ الكثير من أمتعتها قبل أن تترك أطفالها الأربعة تحت رعاية أفرادٍ من عائلتها، فحملت معها شيئين هما بعض النقود وحامض الأسيد. وتقول نور: “قمت ببيع مصوغاتي الذهبية واقترضت الكثير من المال من بعض الأصدقاء والأقارب كي أتمكّن من الدفع للعديد من المهرّبين الذين ساعدوني بالتنقل من بلد لآخر”.
و أضافت: “إلى جانب الأموال التي أخذتها معي، فقد استخرجت حامض بطارية سيارة وأخفيته بقارورة مرطّب للوجه. لقد قررتُ أنه في حال تعرّضت للاعتداء خلال الرحلة فسوف أستخدمه لصدّ أيّ رجل يهاجمني”. ولحسن الحظ لم تضطر نور لاستخدامه.
واجهت نور العديد من الصعوبات خلال رحلتها، ما دفعها إلى الاعتقاد بأنّ وصولها إلى المملكة المتحدة لم يكن سوى أضغاث أحلام. وتوضح للصحيفة: “كنّا نقطع الصحراء ليلاً، في إحدى المرّات، وكان الظلام دامساً. لم أكن أعرف الطريق، فسقطت وأصيبت يداي وانفصلت ساقي عن الساق الأخرى. كان الجو شديد البرودة في الليل وكانت تراودني أفكار بأنني سوف أموت حتماً ولكنني تشبّثت بشجرة. ولحسن الحظّ تمكّن المهرّبون من العثور عليّ بعد ثلاث ساعات”.
وأشارت نور لـ”ذا غارديان”، إلى أنّ العبور من الجزائر إلى المغرب كان الأصعب على الإطلاق، حيث حاولت العبور سبع عشرة مرة.
“وأخيراً وصلت إلى إسبانيا ولكنني اضطررت إلى المغادرة بسبب تعرّضي للإساءات. ومكثت لوحدي في خيمة في (كاليه) ودفعت كلَّ ما تبقى لدي من مال إلى المهرّبين لإيصالي إلى المملكة المتحدة. لقد أعطيتهم تقريباً سبعة عشر ألف يورو. وقالوا إنني سأغادر على متن زورقٍ يتّسع لخمسة عشر شخصاً، بينما كدّسوا فيه في الواقع واحداً وعشرين، ما أدّى إلى تسرّب المياه إلى الزورق. واعتقدنا أننا سنغرق لا محالة، لولا تدخّل خفر السواحل البريطاني الذي أنقذنا”.
وقالت نور: “كنت محظوظة بعبوري بعد محاولة واحدة ومحظوظة بالبقاء على قيد الحياة”.
شرحت اللاجئة كيف أُرغمت على الزواج في عمر الرابعة عشرة: “أرغمني والدي على الزواج، حيث قام عمي بتزوير الوثائق للادعاء بأنني بلغت الثامنة عشرة. وقد ولدت طفلتي الأولى بعد عام من الزواج، وهي الآن بمثل عمري حينما أُرغمت على الزواج. أتمنى لو أنّ باستطاعتي إخراجها وأولادي الثلاثة من اليمن، قبل أن ينتهي بها المطاف بأن تمرّ بنفس تجربتي”.
منحت وزارة الداخلية نور سكناً في فندقٍ في لندن، وهي بانتظار النظر في طلبها. وتقول: “حالياً أشعر بأني منهارة نفسياً وأشعر بالضعف الشديد بسبب ما مررت به خلال رحلتي للوصول إلى المملكة المتحدة، ولكن ما يبقيني قوية، هو الحاجة لإيصال رسالتي عن حقوق الإنسان وأهمية تحسين أوضاع النساء والفتيات في اليمن”.