القتل والاعتقال والمحاكمة .. ثلاثية تتربص بالصحفيين في اليمن
كان للصحفيين اليمنيين نصيبهم من الحرب الدائرة في اليمن، فخلال العام 2018م فقط، رصد تقرير حقوقي أكثر من 4364 حالة انتهاك، طالت الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام اليمنية، وتوزعت الإنتهاكات على سبع جهات رئيسية؛ جاءت جماعة أنصار الله الحوثي بمسؤوليتها عن 4288 حالة انتهاك، تليها الحكومة المعترف بها دوليا بنحو 40 حالة، و 20 حالة من جهات مجهولة، في حين جاء التحالف العربي في المرتبة الرابعة بارتكابه 6 حالات انتهاك، و3 حالات انتهاك بأثر رجعي في حين سجلت حالة واحدة ضد تنظيم القاعدة.
وجاءت العاصمة صنعاء المدينة الأخطر على الصحفيين ووسائل الإعلام، حيث سجلت فيها 4248 انتهاكاً بنسبة 97.3% ؛ تلاها محافظة تعز بعدد 26 حالة، وعدن 23 حالة ، والحديدة 22 حالة، وذمار 7 حالات انتهاك ، ولحج 6 حالات، ويحتجز الحوثيون في سجونهم بصنعاء 10 صحفيين منذ 4 أعوام، حيث تشير تقارير حقوقية محلية ودولية إلى أنهم يعيشون في ظروف مروعة، وتعرض عدد منهم لعمليات تعذيب وحشية من قبل السجانين الحوثيين.
وفي يناير من العام الجاري أعلنت نقابة الصحفيين اليمنيين، في تقرير النقابة السنوي لوضع الحريات الصحفية، أنها رصدت 10 حالات قتل لصحفيين ومصورين وعاملين في وسائل الإعلام خلال عام 2018م، وقالت النقابة إنها رصدت 226 حالة انتهاك منذ مطلع العام الماضي، طالت صحفيين ومصورين وعشرات الصحف والمواقع الإلكترونية، ومقار إعلامية، وممتلكات صحفيين، وأضافت أن “التحالف العربي ارتكب 5 حالات قتل طالت عاملين في وسائل الإعلام، فيما ارتكب الحوثيون 3 حالات طالت صحفيين ومصورين، وارتكبت جهات مجهولة حالتي قتل”.
إدانات دولية ومحلية
وفي اليوم العالمي للصحافة أدان الاتحاد الدولي للصحفيين ما يتعرض له الصحفيون المعتقلون في سجون جماعة الحوثي وطالب بسرعة الإفراج عنهم، وقال الأمين العام للاتحاد الدولي للصحفيين أنطوني بيلانجي ”اننا ندين كل أشكال العنف ضد الصحفيين ونطالب الحوثيين الامتثال للمعايير والمعاهدات الدولية، وستتم محاسبة جميع المتورطين في اعتقال زملائنا وتعذيبهم، ودعا وكالات الأمم المتحدة ومبعوثيها إلى اليمن لإدراج هذه الفظائع في تقاريرهم الرسمية إلى هيئات الأمم المتحدة واتخاذ إجراءات فورية لضمان سلامة زملائنا وصحتهم.
وأدان الاتحاد الوطني للصحفيين في بريطانيا وإيرلندا الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيين اليمنين المختطفين لدى مليشيا الحوثي منذ العام 2015م في العاصمة صنعاء، وطالب اتحاد الصحفيين في بيان نشره على موقعه الرسمي بسرعة الإفراج عن الصحفيين المعتقلين لدى جماعة الحوثي، واكد البيان ان الاتحاد ينضم الى الدعوات التي وجهها الاتحاد الدولي للصحفيين بالإفراج الفوري عن الصحفيين اليمنيين الذين يتعرضون للتعذيب في سجون الحوثي في العاصمة صنعاء.
الإعتقال والتعذيب
و نشرت نقابة الصحفيين اليمنيين في بيان لها عن حالات التعذيب والقمع التي يعيشها الصحفيون المعتقلون في سجون جماعة الحوثي منذ العام 2015، حيث يتم استخدامهم كورقة ضغط ومساومة في الحرب الدائرة في اليمن، كما أدانت النقابة تعذيب الصحفيين وجددت المطالبة بالإفراج عنهم بعد ان تلقت بلاغا من أسر الصحفيين المعتقلين لدى جهاز الأمن السياسي بصنعاء يفيدون فيه تعرض الزملاء للتعذيب والمعاملة القاسية ما ادى إلى تدهور حالتهم الصحية.
وعبرت المنظمة الوطنية للإعلاميين اليمنيين “صدى”، في بيان لها بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، عن أسفها لاستمرار اختطاف الحوثيين 24 صحفيا يمنيا، منهم 11 يقبعون في سجونها منذ أربعة أعوام، ودعا البيان الأمين العام للأمم المتحدة من خلال مبعوثه الخاص إلى اليمن، ومنظمة الصليب الأحمر الدولي لزيارة الصحفيين المختطفين في سجون الحوثي للاطلاع على أوضاعهم والمأساة التي يعيشونها، وحذر البيان من تسيس قضية الصحفيين المختطفين، أو التعامل مع المليشيا الحوثية، مؤكدا انها قضية إنسانية بامتياز ويجب التعامل معها من منظور القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وقال مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان، إن حرية التعبير في اليمن تمر بأسوأ مراحلها جراء تنامي حالة القمع التي يتعرض لها الوسط الصحفي في البلاد منذُ خمسة أعوام، وأفاد بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة والذي يصادف الثالث من مايو من كل عام، إن حالة حرية التعبير في اليمن تمر بحالة تراجع حقيقي، وأن الصحفيين اليمنيين يعيشون في المحافظات الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي واقعا مرعباً، لافتا إلى أن سلطات الحوثي تلاحق الصحفيين والناشطين الحقوقيين بشكل مفرط في القسوة والقمع الممنهج، وعبر إلحاق تهم الإرهاب بكل من يخالفها الرأي.
المحاكمة والقتل
ومؤخرا تم إحالة نحو 11 صحفيا للمحاكمة والتحقيق بصورة منافية للقانون في محاكم غير دستورية وتعرضوا لصنوف متعددة من التعذيب، وكان بعض الناشطين قد أفرج عنهم سابقا واتضح حجم المأساة المروعة التي يمر بها المعتقلون في سجون الحوثيين، وأصيب بعضهم بإعاقات دائمة كما توفي بعضهم جراء التعذيب ومنهم الصحفي “أنور الركن” الذي خرج من معتقلات الحوثي جثة هامدة.
بدوره أعلن اتحاد الإعلاميين اليمنيين في صنعاء مقتل 243 إعلاميا وإصابة 22 إعلاميا بجراح، واتهم الاتحاد التحالف الذي تقوده السعودية باستهدف 30 مركز إرسال وبث إذاعي وتلفزيوني، فيما تعرضت نحو 21 منشأة ومؤسسة إعلامية للتدمير الكلي والجزئي، نتيجة الغارات الجوية، وأضاف الإتحاد الذي يضم صحفيين موالين لجماعة الحوثي في بيان له بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة 3 مايو 2019م أن انتهاكات دول التحالف بحق الصحفيين لم تقتصر على قتلهم وقصف المنشآت الصحفية، بل تعداها لمحاولة التعتيم على ما يجري في اليمن ومنع الصحفيين الأجانب من التغطية.
وأشار الاتحاد إلى منع 143 صحفيا دوليا مبتعثين من عدة وسائل إعلامية من دخول اليمن، طيلة الفترة الماضية وأدى إلى حظر السفر وإغلاق مطار صنعاء الدولي من قبل التحالف إلى الحيلولة دون سفر عشرات الصحفيين من وإلى اليمن.
واضاف إلى ذلك يعيش الآلاف من الصحفيين والإعلاميين اليمنيين وضعا اقتصاديا متأزما وإغلاق العشرات من الصحف والمؤسسات الإعلامية وتسريح المئات من العاملين فيها، ونزوح الغالبية منهم، ولجوء عدد كبير إلى الخارج، وحث سلطات الحوثيين بصنعاء على الإفراج عن الصحفيين ومعتقلي الرأي الذين لم يثبت بحقهم ارتكاب جرائم جنائية.
المصدر| يمن ستوري/ تقرير خاص