“الألغام” .. كابوس آخر يحصد أرواح اليمنيين خلال أربع سنوات من الحرب

في الصباح الباكر خرج “حسن خادم” برفقة زوجته يمشيان في إحدى الطرقات الفرعية، في منطقة قريبة من مسكنهما ولم يكونا يدركان أن هذا الطريق يقودهما إلى النهاية.

يقول مصدر محلي مسؤول إن لغما ارضيا انفجر في إحدى الطرق الفرعية في منطقة “الجبيلة” في مديرية التحيتا جنوب الحديدة الساحلية، وتسبب بمقتل ثلاثة مدنيين، وأوضح أن الضحايا، هم حسن خادم وزوجته ومواطن ثالث، لافتا إلى أنهم توفوا على الفور جراء الانفجار.

وفي محافظة الجوف، قال سكان محليون إن مواطنا يدعى (محمد فرحان) اصيب باصابات خطيرة يوم الخميس، اثر انفجار لغم ارضي في منطقة اليتمة بمديرية خب والشعف إلى الجهة الشمالية الشرقية من المحافظة.

حادثتا اليوم مثل حوادث شبه يومية تودي بحياة مواطنين في مناطق مختلفة من اليمن، جراء الألغام الأرضية، حيث تطفوا مساحات يمنية شاسعة على حقول من الالغام العشوائية، والتي تهدد حياة المواطنين في أنحاء متفرقة من اليمن.

مأساة في اليوم العالمي

ويحتفل العالم اليوم الرابع من أبريل باليوم الدولي للتوعية بخطر الألغام، في حين يواجه اليمنيون مخاطر كبيرة جراء الالغام التي خلفها الصراع الدموي للعام الخامس على التوالي في هذا البلد الفقير.

وقالت الأمم المتحدة اليوم إن “الصراع في اليمن خلّف وراءه الكثير من الألغام الأرضية، والذخائر غير المنفجرة وغيرها من مخلفات الحرب القابلة للانفجار”.

ودعت الأمم المتحدة في بيان لها بالمناسبة، إلى استمرار الجهود التي تبذلها الدول، بمساعدة من الأمم المتحدة والمنظمات ذات الصلة المشاركة في الأعمال المتعلقة بالألغام، للقيام، حسب الاقتضاء، بتشجيع بناء قدرات وطنية وتطويرها في مجال الأعمال المتعلقة بالألغام في البلدان التي تشكل فيها الألغام والمخلفات المنفجرة للحرب تهديدا خطيرا على سلامة السكان المدنيين المحليين، أو عائقا أمام جهود التنمية الاجتماعية والاقتصادية على الصعيدين الوطني والمحلي.

وتشهد اليمن نزاعا دمويا منذ مارس 2015، بين القوات الحكومية مدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية، وبين مسلحي جماعة الحوثي المتحالفين مع إيران.

أكثر من مليون لغم في اليمن !

وفي يونيو الماضي العام 2018، أطلقت السعودية التي تقود تحالفا عربيا، مشروع (مسام) ويهدف إلى تطهير الأراضي اليمنية من الألغام التي أودت بحياة الآلاف من الأبرياء، وقال المشروع السعودي لنزع الألغام (مسام) إن الفرق الميدانية التابعة له، تمكنت خلال شهر مارس الماضي من إزالة وتفكيك (6647) لغما وذخيرة غير متفجرة.

وأكد المشروع على موقعه الالكتروني أنه ومنذ التأسيس في يونيو الماضي، تمكنت فرقه الميدانية من نزع (52777) لغما وعبوات مختلفة الأشكال زرعتها مليشيا الحوثي في عدة مناطق يمنية، وقال الدكتور عبدالله الربيعة، المشرف العام لمركز الملك سلمان للاغاثة، والذي يعد (مسام) أحد مشاريع المركز، إن الشعب اليمني يواجه مخاطر كبيرة جراء الالغام التي زرعتها المليشيات الحوثية.

وأضاف الربيعة أن الحوثيين زرعوا أكثر من مليون و 100 الف لغم ارضي، اضرت وقتلت الكثير من الاطفال والنساء وكبار السن في عدد من مناطق اليمن، وأكد أن المملكة وعبر هذه المبادرة (مسام) مصممة على نزع كل الألغام من الأراضي اليمنية ليعيش الشعب بأمن وسلام واستقرار.

وتعمل برامج تابعة لدولة الإمارات (عضو التحالف العربي في اليمن) واخرى للحكومة اليمنية، على ازالة الالغام من المناطق التي تم تحريرها من الحوثيين، وتنشط منظمات دولية ومبادرات محلية في مواجهة مخلفات الألغام وعملية التوعية بأضرارها في اليمن.

وفي يناير الماضي، قالت منظمة أطباء بلا حدود “إن فرقها في اليمن عالجت خلال اربعة أشهر أكثر من 150 جريحاً نتيجة الألغام والعبوات المتفجرة يدوية الصنع والذخائر غير المتفجرة، واضافت حينها أن ثلث من تم معالجتهم أطفال كانوا يلعبون في الحقول، وقد أصبحوا معوقين مدى الحياة في مواجهة مستقبل يشوبه الغموض.

أجيال من المشوهين

وأشارت المنظمة إلى أن “الألغام تخلف أجيالاً من المشوهين وتبعاتٍ لا تقف عند الأسر فحسب إنما تتعداها إلى المجتمع ككل، حيث يرجح أن يصبح ضحاياها أناساً أكثر اعتماداً على المساعدة وأكثر عزلة، كما أنها تجعل من زراعة الحقول وحصادها أمراً مستحيلاً”.

وقال الناشط المدني في مجال التوعية باضرار الالغام “عادل ثامر” إن اليمن تواجه كارثة حقيقية جراء حقول الالغام العشوائية التي زرعت في أنحاء متفرقة من البلاد، وأوضح أن الألغام الأرضية بكافة اشكالها واحجامها وبقايا المتفجرات باتت تترصد حياة ملايين اليمنيين، وتسببت فعليا في مقتل وجرح المئات من المدنيين.

وأضاف ثامر، وهو المنسق لبرنامج حماية الطفل (منظمة مدنية)، انهم يقودون حملة توعية تستهدف المجتمعات المحلية للتوعية بمخاطر الالغام، سعيا للحد من سقوط المزيد من الضحايا.

وكانت اليمن في العام 2012، على وشك إعلانها كمنطقة خالية الألغام، بعد نحو 14 عاما من تأسيس البرنامج الوطني لمكافحة الألغام في العام 1998، وقيام البرنامج بنزع كميات كبيرة من الألغام في مناطق مختلفة من البلاد، كما ساهم البرنامج الوطني بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، من وضع سياسات وإجراءات للحد من انتشار الالغام، الا أن النزاع القائم حال دون ذلك.

المصدر | وكالة شينخوا

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى