الحرب توقف الأنشطة المدرسية في اليمن
تسببت حرب اليمن في تدهور المنظومة التعليمية في البلاد، لا سيما في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين)، وتوقّف الأنشطة المدرسية، بالرغم من أهميتها الكبيرة في رفع كفاءة التلاميذ، من خلال تنمية مهاراتهم المختلفة.
يقول محمد عادل، وهو تلميذ في الصف التاسع بصنعاء، إنّ الأنشطة المدرسية غائبة بشكل شبه كامل، باستثناء حصة واحدة أسبوعياً للرياضة، بالرغم من أنّه يدرس في مدرسة خاصة، ويدفع أهله مبالغ مالية كبيرة سنوياً. يضيف لـ”العربي الجديد” أنّ الأنشطة المدرسية المختلفة مثل الرسم والخط والمسرح والتربية الفنية، وأنّه يزور أحد المعاهد الخاصة في الرسم والفنون الجميلة بين الوقت والآخر، لتنمية مهاراته وتعويض الأنشطة المدرسية الغائبة. ويؤكد حاجة التلاميذ إلى مثل هذه الأنشطة، مطالباً وزارة التربية والتعليم بفرض رقابة على المدارس الخاصة لتنفيذ الأنشطة.
أما أمير العديني، وهو تلميذ ثانوي في إحدى المدارس الحكومية بأمانة العاصمة، فيشكو من عدم انتظام العملية التعليمية في المدارس الحكومية، بسبب غياب المعلمين، لعدم صرف رواتبهم منذ أكثر من عامين. يقول العديني، لـ”العربي الجديد”، إنّ التعليم برمّته في المدارس الحكومية شبه متوقف: “الأنشطة المدرسية لم تعد ضمن الجدول الدراسي أصلاً، إلاّ ما يستخدم للتوعية بأهمية الدفاع عن اليمن”. يضيف: “غياب المعلمين بين يوم وآخر أدى إلى انخفاض مستوى تحصيل التلاميذ”.
يقول إنّه اضطر مع بقية الزملاء إلى البحث عن شخص يشرح المنهاج الدراسي لهم. يؤكد أنّ المدرسة التي يدرس فيها كانت تنظم أنشطة مختلفة “لكنّها في السنوات الماضية توقفت بسبب الحرب، وهو ما أدى إلى دفن مواهب التلاميذ”. يشير العديني إلى أنّ مدرسته تستغل الطابور الصباحي والإذاعة المدرسية ومعظم ساعات الدراسة لتنظيم أنشطة تسهم في تسليط الضوء على الحرب القائمة والمفاهيم القتالية: “يحفزوننا على الذهاب للقتال (مع الحوثيين) دفاعاً عن الوطن”.
من جهته، يقول أحمد السعدي، وهو معلم مشرف على الأنشطة المدرسية في مدرسة حكومية بصنعاء، إنّ الحديث عن غياب الأنشطة المدرسية في الوضع الراهن لم يعد مجدياً، بسبب عدم انتظام العملية التعليمية، جراء غياب المعلمين وتكرر الإضرابات والاعتصامات في المدارس الحكومية التي تطالب بصرف الرواتب المتوقفة منذ أكثر من عامين.
يضيف السعدي لـ”العربي الجديد”: “المعلمون غير قادرين على تأدية واجباتهم تجاه التلاميذ وتعليمهم كالسابق، بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة التي يمرون بها. لذلك، فإنّ كثيرين من بينهم بحثوا عن أعمال أخرى وتركوا المدارس، لتأمين احتياجات أسرهم”. يشير السعدي إلى أنّ الأنشطة المدرسية متوقفة تماماً، وليست من أولويات القائمين على العملية التعليمية في هذا القسم من البلاد حالياً، كما كانت في السابق، إذ كانت أنشطة الرياضة والرسم والموسيقى والكمبيوتر، حصصاً أساسية في الجدول الدراسي، لا سيما قبل الحرب.
في السياق، يؤكد المعلم خالد صالح، من محافظة المحويت غرب البلاد، أن الأنشطة المدرسية متوقفة منذ بداية الحرب، نتيجة انقطاع الموازنة التشغيلية، وإدارات المدارس في المحافظة تحاول الآن إكمال المناهج الدراسية للتلاميذ من خلال حصتين أو ثلاث يومياً كأولوية، بعد تغيّب كثير من المعلمين من جراء استمرار انقطاع الرواتب. يضيف صالح لـ”العربي الجديد”، أنّ وزارة التربية والتعليم تتحمل كامل المسؤولية عن توقّف الأنشطة المدرسية وانهيار المنظومة التعليمية في اليمن، لعدم التزامها بتوفير ميزانيات المدارس.
تكتسب الأنشطة المدرسية أهميتها، كونها تُكمل المناهج الدراسية، وتمنح التلاميذ ثقة في النفس، كما تحفّزهم على الحضور إلى المدارس. وفي هذا السياق، تقول الاختصاصية الاجتماعية والنفسية، هند ناصر، إنّ الأنشطة المدرسية ضرورية للغاية لجميع الفئات، وهي تكملة للمناهج الدراسية، وتكسر حاجز الملل لدى التلاميذ من المواد النظرية، وتقوي علاقتهم ببعضهم البعض.
تضيف ناصر لـ”العربي الجديد” أنّ الأنشطة “تنمي إبداعات التلاميذ وتساعد في اكتشاف مواهبهم، وبناء شخصياتهم، كما تمنحهم ثقة كبيرة بأنفسهم وتجعلهم يحبون التعليم، وتحقق أهدافاً تربوية وتعليمية واجتماعية في آن واحد، فضلاً عن فوائدها الصحية العديدة”. وتعتبر ناصر أنّ “التساهل في تنفيذ الأنشطة خطأ كبير قد ينعكس سلباً على التلاميذ مستقبلاً”.
يدعم الباحث في المجال التربوي، عبد الجليل الشراري، ما تقوله ناصر حول أهمية الأنشطة المدرسة، لكنّه يشير إلى غياب الكوادر المتخصصة المؤهلة لمتابعة وتنفيذ الأنشطة، ويعتبر ذلك “من أبرز المشاكل، التي تواجه إدارات المدارس”.
يقول لـ”العربي الجديد” إنّ السلطات في وزارة التربية والتعليم معنية بتوفير الإمكانيات اللازمة للمدارس من خلال توفير ميزانيات لتنفيذ الأنشطة وتأهيل المعلمين.
(العربي الجديد)