الألغام .. كابوس يرافق اليمنيين في العام الجديد

كان شهر ديسمبر الأخير من هذا العام، أكثر الأيام مأساوية بالنسبة للطفلة الهام علي ساحلي، بعد أن وجدت أطرافها مبتورة بانفجار لغم أرضي شمال محافظة حجة.

لم تكن تدرك الطفلة البالغة من العمر سبع سنوات، أن لعبها في ذلك اليوم برفقة أخيها الأصغر، قد يكلفها قدميها وتتركها معاقة أمد الدهر.

وكـ حال الهام وأسرتها المكلومة، يعاني آلاف النازحين بالمناطق المحررة شمال محافظة حجة، من الألغام التي زرعتها جماعة “أنصار الله” الحوثيين بكثافة، لمنع تقدم القوات اليمنية المدعومة من التحالف العربي، لكن تلك الألغام باتت تهدد حياة اليمنيين وأطفالهم وممتلكاتهم.

لا شيء ينجو

تنتشر الألغام في البر والبحر في مديريات ميدي وحرض وحيران الحدودية مع المملكة العربية، وتتوزع مئات الآلاف من الألغام الأرضية متعددة الأحجام والأغراض وبشكل عشوائي في المناطق السكنية والطرقات، وأماكن رعي المواشي والسهول والوديان، الأمر الذي صعب على الفرق الهندسية للجيش اليمني، عملية انتزاعها لعدم وجود خرائط واضحة تحدد أماكن زراعتها، ونظرا لكثافتها أصبحت خطراً يؤرق حياة الكثير من المدنيين الأبرياء فضلاً عن الموت.

وخلال ديسمبر الجاري، أصيبت الطفلة إلهام علي بلغم أرضي أدى إلى بتر ساقيها، فيما أصيب شقيقها الأصغر بجروح مختلفة.

وبحسب “شهود عيان” من ابناء المنطقة فإن اللغم انفجر بالطفلة إلهام علي وشقيقها، وهم على متن الحمار أثناء ذهابهم لجلب المياه للمنزل في عزلة بني حسن مديرية عبس.

ولم تقتصر الألغام على الإنسان بل امتدت للحيوان أيضا، ففي الأسبوع ذاته نفقت أربعة جمال بألغام أرضية أثناء رعيها؛ يملكها شيخ مسن وزوجته المسنة، عادوا إلى منزلهم في مديرية ميدي بعد أن غادروه نازحين، قبل خمس سنوات، ولكن فرحتهم بعودتهم للمنزل لم تكتمل بعد أن وجدوا جمالهم ضحية الألغام وأصبحوا لا يملكون شيئا.

كابوس في البحر

لم تقتصر معاناة المدنيين على مخاطر الألغام البرية فقط، وزرعت الألغام البحرية المحرمة دوليا على الشريط الساحلي للمحافظة، وتوزعت في المياه الإقليمية والدولية والجزر اليمنية المحاذية لمديرية ميدي في حجة، مثل جزيرتي “الفُشت وبكلان” المحاددة للمياه الدولية في البحر الاحمر، والتي يقطن بها عشرات الأسر من سكانها الأصليين والنازحين ايضا.

وقال مسؤول الصيادين بجزيرة الفُشت “ابراهيم علي” تفاجئنا بوجود ألغام بحرية حول الجزيرة عندما رمى أحد الصيادين شباكه في البحر، وأضاف: أن من زرعوا هذه الألغام لا يراعون حرمة الإنسان ولا الحيوان ولا الحجر ولا الشجر ولا الاعراف الإنسانية، وشدد أن هذه الالغام شكلت كابوسا على الصيادين ما جعلهم يتخوفون الابحار وامتنعوا عن الصيد حفاظا على سلامتهم من هذه الألغام.

ووجه إبراهيم خلال حديثه “ليمن ستوري” رسالة للأمم المتحدة والمجتمع الدولي بإلزام الحوثيين التوقف عن زراعة الألغام، لحماية الصيادين الأبرياء والمواطنين في الجزيرتين.

ويعتمد أبناء هذه الجزر على مهنة الصيد بشكل رئيسي كونه مصدر رزقهم الوحيد لهم ولأسرهم، وبعد ان حاصرت الألغام البحرية شواطئهم توقفوا عن الصيد خوفا على حياتهم، وأصبحوا محاصرين في عرض البحر مما اضطرهم للبقاء داخل منازلهم بعد أن فقدوا مصدر دخلهم الوحيد.

عام جديد وسط الالغام

ولعدم قدرة هؤلاء الصيادين على الحركة في البحر ازدادت ظروفهم المعيشية سوءا للغاية يوما بعد آخر، لكثافة الألغام المهددة لهم والتي راح ضحيتها العشرات من الصيادين من ابناء هذه الجزر، وكان لغم بحري انفجر بقارب صيد في منتصف العام 2017م، على متنه 8 صيادين قتلوا جميعاً.

ولا يقتصر خطر الألغام على الصيادين فقط، بل باتت تهدد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر، وامتد خطرها على الأسماك الكبيرة، حيث نفق حوت عملاق في منتصف ديسمبر الجاري، نتيجة انفجار لغم بحري في احشائه وعثرت عليه القوات الحكومية بعد نفوقه في المياه الدولية القريبة من الجزر اليمنية.

ونتيجة هذه الالغام، فإن أهالي هذه المناطق سيكونون على موعد في الأعوام القادمة مع حوادث مأساوية، إن لم تكن هناك وسائل جادة لإزالة الألغام ومخلفات الحرب وتوعية المدنيينو بما من شأنه تجنيبهم التعرض لآلات الحرب وحصادها.

المصدر| يمن ستوري / ماجد الغولي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى