“مهددون بالموت” .. الإفراج عن 13 معتقل يذكر بمصير مئات المخفيين في اليمن
أكدت مصادر حقوقية، يوم السبت، الإفراج عن 13 معتقل يمني مخفيين منذ عامين داخل أحد السجون في مدينة عدن جنوبي اليمن. وقال رئيس منظمة سام للحقوق والحريات (غير حكومية مقرها جنيف) المحامي توفيق الحميدي، إن قوات الحزام الأمني” المدعومة من الإمارات أفرجت عن 13 مهددون بالموت من المخفيين قسرا في سجن بئر أحمد، تنفيذا لقرار من النيابة العامة.
وأضاف “الحميدي” أن الإفراج يؤكد صحة التقارير التي سجلت سابقا أن هؤلاء المعتقلين ليسوا مدانين في أية قضايا، وأشار أنه بعد قرابة سنتين من الاعتقال والتعذيب تم الإفراج عنهم دون أي محاكمات، وشدد أن المعتقلين المفرج عنهم يستحقون التعويض ومحاسبة كل من تسبب في إخفائهم والأذى لهم ولأسرهم، حسب ما نقلت عنه وكالة الأناضول. وكانت قوات الحزام الأمني المدعومة من الإمارات تدير “سجن بئر أحمد”، بعد شنها حملات اعتقال طالت العشرات من سكان المدينة بـ”تهمة الإرهاب”، عقب استعادة عدن من جماعة الحوثي في يوليو/تموز 2015م.
وفي الآونة الأخيرة بدأت مصلحة السجون اليمنية بالإشراف عليه ضمن تفاهمات بين وزارة الداخلية اليمنية والإمارات، وأغلب تهم المعتقلين فيه هي “الإرهاب”، ومنذ العام الماضي، ينفذ معتقلون في السجن المذكور بين الفينة والأخرى إضرابا مفتوحا عن الطعام؛ احتجاجا على عدم تنفيذ أوامر النيابة بالإفراج الفوري عن عشرات المعتقلين هناك.
تنديد دولي
ونددت منظمات حقوقية يمنية ودولية أكثر من مرة بمعاناة المعتقلين في “سجن بئر أحمد”، واتهمت القوات الإماراتية بارتكاب انتهاكات وتعذيب وتنكيل بحق السجناء.
وفي يوليو 2018 اتهمت منظمة العفو الدولية الإمارات والقوات اليمنية المتحالفة معها بتعذيب محتجزين في شبكة من السجون السرية بجنوب اليمن، وطالبت بالتحقيق في هذه الانتهاكات التي تصفها بأنها جرائم حرب، وأكدت أن عشرات الأشخاص تعرضوا “للاختفاء القسري”، بعد “حملة اعتقالات تعسفية” من جانب القوات الإماراتية وقوات يمنية تعمل بمعزل عن قيادة حكومتها، في المقابل، تنفي الإمارات أي دور لها في قيادة سجون أو مراكز احتجاز سرية باليمن، إضافة إلى نفيها لمزاعم سابقة حول تعذيب سجناء.
وأضافت المنظمة أنها أجرت تحقيقا بين مارس آذار 2016 ومايو أيار 2018 في محافظات عدن ولحج وأبين وشبوة وحضرموت بجنوب اليمن وثق استخداما واسع النطاق للتعذيب وغيره من أساليب المعاملة السيئة في منشآت يمنية وإماراتية، بما في ذلك الضرب والصدمات الكهربائية والعنف الجنسي.
وقالت تيرانا حسن مديرة برنامج الاستجابة للأزمات في منظمة العفو “يبدو أن دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تعمل في ظروف غير واضحة في جنوب اليمن، وضعت هيكلا أمنيا موازيا خارج إطار القانون، تتواصل فيه انتهاكات صارخة دون قيد”، وتابعت “في النهاية يجب التحقيق في هذه الانتهاكات، التي تحدث في سياق الصراع المسلح في اليمن، على أنها جرائم حرب”.
شهادات مروعة
ووثق تقرير منظمة العفو الدولية استخدام التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة على نطاق واسع في مرافق الاحتجاز اليمنية والإماراتية، وسرد محتجزون سابقون وحاليون وأفراد عائلات محتجزين آخرين تفاصيل أشكال الإساءة التي تعرضوا لها بما في ذلك الضرب بأشكاله، واستخدام الصعق بالكهرباء، والعنف الجنسي، وقال أحدهم إنه شاهد جثة أحد زملائه المحتجزين يتم نقلها في كيس للجثث عقب تعرضه للتعذيب بشكل متكرر.
وقال أحد الذين كانوا محتجزين في قاعة وضاح، التي اكتسبت سمعة سيئة كمرفق للاحتجاز غير رسمي تديره وحدة مكافحة الإرهاب في عدن: “شاهدت أشياء لا أود ان أشاهدها مرة أخرى، ولا يمكنك أن ترى حتى ضوء الشمس في ذلك المكان”، وأضاف قائلا: “كانوا يوجهون جميع أنواع التهم لي، ثم ينهالون عليّ ضربا، وقرروا ذات مرة أن يخلوا سبيلي ليلا، وقالوا إنهم خلطوا بيني وبين شخص آخر، وإنها مجرد تشابه أسماء، وكأنهم لم يفعلوا شيئا لا سيما بعد كل ذلك الصعق الذي تعرضت له بالكهرباء”.
وأضاف أحد المحتجزين السابقين إن جنودا إماراتيين في قاعدة التحالف بعدن قاموا بإدخال جسم صلب في شرجه إلى أن أُصيب بنزيف، وقال إنه احتُجز في حفرة ورأسه فقط أعلى من مستوى الأرض، وأُجبر على قضاء حاجته وهو في تلك الوضعية، وقال “كنا نسمع عن التعذيب ونقول إنه لا يمكن لمثل تلك الأمور أن تحدث أبدا إلى أن مررنا بالمحنة بشكل شخصي”.
كما وثقت منظمة العفو الدولية حالة رجل اعتُقل في منزله على أيدي قوات النخبة الشبوانية المدعومة إماراتيا قبل أن يتم إلقائه لاحقا بجوار منزل عائلته بعد ساعات، وهو في حالة حرجة، وقد بدت عليه آثار تعذيب واضحة، وسرعان ما توفي عقب نقله إلى المستشفى.
تورط أمريكي
وفي يوم الخميس 24 مايو 2018، صوَّت الكونغرس الأمريكي على إجراء التحقيق والمحاسبة للدور الأمريكي في سجون التعذيب السرية التي تديرها أبوظبي وحلفاؤها جنوب اليمن، على خلفيّة تداول تقارير دولية وحقوقية حول الانتهاكات في السجون الإماراتية داخلياً وخارجياً، و بناء على تحقيق استقصائي نشرته وكالة “أسوشييتد برس”، عام 2017م، وذكرت فيه أن الإمارات وقوات مموّلة إماراتياً تُدير شبكة مؤلّفة من 18 سجناً سرياً في جنوب اليمن،
وكشف التحقيق أن ما يقرب من ألفي يمني قد اختفوا في السجون، إذ كانت أساليب التعذيب القاسية هي القاعدة الرئيسية، ومن ضمن ذلك أسلوب “الشواء”؛ الذي “تُربط فيه الضحية بعمود، ويُقلب على النار بشكل دائري مثل الشواء”، بالإضافة إلى الاعتداءات الجنسية على أفراد من المقاومة التي شاركت في إخراج الحوثيين من عدن، كونها تخالف توجّهات سلطات أبوظبي أيديولوجياً وفكرياً.
وبناء على تقارير حقوقية دولية وتحقيقات وشهادات لمعتقلين سابقين في السجون الإماراتية جنوب اليمن، حمَّلت الأمم المتحدة، في يناير 2018، القوات الإماراتية في اليمن المسؤولية الكاملة عن أعمال التعذيب؛ التي شملت الضرب، والصّعق بالكهرباء، والحرمان من العلاج الطبي، والعنف الجنسي، ورغم أن الدور المحوري الذي يؤدّيه الأمريكيون من وزارة الدفاع ووكالة المخابرات المركزية في هذه الاستجوابات ليس واضحاً، فإن مسؤولي وزارة الدفاع قالوا لوكالة “أسوشييتد برس”: إن “القوات الأمريكية تشارك في استجواب المعتقلين في مواقع باليمن، وتزوّد الآخرين بالأسئلة، وتتلقّى نسخاً من التحقيقات من الحلفاء الإماراتيين”، وهو ما يشير إلى أن الإمارات ربما تدير هذه السجون السرية بالتنسيق مع واشنطن.
وطالب السيناتور الديمقراطي، رو خانا، بإعداد تقرير معلن وليس سرياً، ومفصّلاً حول السجون السرية الإماراتية في اليمن ودور القوات الأمريكية فيها، على أن يتضمّن الدور الواضح لأبوظبي في عمليات التعذيب، وكذلك الدور المشبوه للأمريكيين، مشكّكاً بالدور الأمريكي في اليمن قائلاً: “لا أعتقد أن هناك شفافية كافية حول دور الولايات المتحدة في اليمن”، واعتبرت منظّمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية الدولية -مقرّها نيويورك- أن الانتهاكات تُظهر أن الولايات المتحدة لم تتعلَّم الدرس بأن التعاون مع القوات التي تعذّب المحتجزين وتفرّق الأسر ليس وسيلة فعّالة لمحاربة الجماعات المتطرّفة، في إشارة إلى سجلّ التعذيب التي تنتهجه القوات الأمريكية ووكالة المخابرات تحديداً في استجواب المعتقلين؛ من أبو غريب في العراق، ثم أفغانستان، وغوانتنامو، وغيرها من السجون حول العالم.
ولايزال آلاف المعتقلين اليمنيين مهددون بالموت داخل السجون السرية في جنوب اليمن، أو تلك السجون الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي بينهم 30 ناشطا حكم عليهم بالإعدام الأسبوع الماضي، وسط فشل الأمم المتحدة في تنفيذ اتفاق ستوكهولم الخاص بتبادل الأسرى والمعتقلين.
المصدر| يمن ستوري/وكالات