رحلة المحارب .. شاب يمني يتوج ببطولة كوريا في “الكيك بوكسينغ”
كان للحرب تأثير كبير على ممارستي للرياضة، فبعد أن دمرت الصالات والمنشآت الرياضية وتعطلت الحركة كليا لم أجد مكانا للتدريب، ولم يعد أحد يهتم بالرياضة، فقد أنهت الحرب ودمرت كل شيء جميل في قلوب الناس، وفي اليمن.
الجميع كان يسخر مني وأنا أتدرب في الشارع، وينعتوني بالفاشل وأن الرياضة لن تعطيني شيء، لكني آمنت بأني سأحقق حلمي وأصبح في يوم من الأيام بطل العالم.
هذه حكاية الشاب اليمني “أحمد عسكر” قبل أن يصبح بطل كوريا الجنوبية في رياضة “الكيك بوكسينغ”. كما يرويها لـ “يمن ستوري”.
بداية الشغف !
كانت البداية من مدينة حجة اليمنية حيث ولد ومعه شغفه برياضة الدفاع عن النفس، لقد أحب “عسكر” هذه الرياضة لأنها من أجمل الرياضات وأقواها في الدفاع عن النفس وتنمية المهارات الجسدية والذهنية. كما يقول.
ويضيف: “كنت شغوفا بمتابعة الفنون القتالية والأبطال مثل (بروسلي، وفاندام، ونسيم حميد، ومحمد علي كلاي)، كنت أحلم بيوم أصبح فيه نجما مشهورا يلمع في سماء الإبداع، ولكن للأسف لايوجد من يمارس رياضة (الكيك بوكسينغ) في اليمن.
كنا نعرف (التايكواندو) ونمارسها منذ الطفولة حتى عام 2005م، جاء الكابتن “إبراهيم العبدلي” الى مدينة حجة ليدرب رياضة (الجمباز)، لكنه كان يمارس الكيك بوكسينغ مع مؤسس اللعبة في اليمن الكابتن “علي السوادي”، ومجموعة من المدربين بينهم الكابتن “وليد الحكمي”.
يقول بطل حكايتنا إن مدربه “وليد الحكمي” تواصل به وأبلغه بأنه وجد الرياضة التي يبحث عنها، فهرع مسرعا إليه لتعلمها وأخبروه أن مدينة الحديدة (غربي اليمن)، يوجد بها هذه الرياضة ثم أعطاه الأساسيات للعبة وغادر، وبقي البطل يمارس شغفه وهوايته في المنزل والشارع، لا يمتلك حتى قفاز الملاكمة ولا صالة للتدريب.
تحديات كبيرة
لم تكن الرحلة سهلة وبسيطة فقد واجه الشاب اليمني الكثير من المعوقات والتحديات بسبب الحرب، تحديدا أثناء سفره لتلقي التدريب وبحثا عن مدربين.
يتحدث “عسكر” عن جزء منها: “كنت أسافر الى الحديدة أو صنعاء للتدريب لكن لم يعد هناك مكان للتدريب دمر كل شيء، أيضا كنت أسافر الى الأردن أو مصر للتدريب دون فيزا للدخول، ولكن اليوم عندما طلبت الدخول الى الأردن ومصر قوبلت برفض طلبي كوني يمني ويشترط فيزا.
ولأن جوازي الشخصي يظهر أني من مواليد السعودية كان ذلك يعيقني كثيرا أثناء سفري بين المحافظات الشمالية، وذات الجواز يعيقني في المحافظات الجنوبية كونه صادر من الشمال، ناهيك عن تكاليف السفر الباهظة، لقد طرقت أبواب كثيره إلا أنني لم أجد سوى آخر ما تبقى من ذهب والدتي ومهر زواج أختي، اللتان ساعدتاني على تكلفة السفر قائلتان لي: “ستحقق حلمك وتعيد لنا كل شيء”.
“حين يصبح الحلم حقيقة”
وبعد سنوات من الكفاح أصبح الحلم حقيقة وتوج “عسكر”
بطلا للجمهورية اليمنية في العام 2013م، ثم شارك في عدد من البطولات الخارجية المهمة، بدأ ببطولة آسيا للصالات المغلقة في كوريا الجنوبية 2013م، وبطولة العالم في أنطاليا التركية نهاية 2013، ثم بطولة العرب في المملكة المغربية 2014م. قبل أن يصبح محترفا ويشارك في عدة نزالات للمحترفين في بطولة ماليزيا للمحترفين، في الملاكمة التايلاندية (مواي تاي)، وبطولة سوبر كوريا، وحقق هناك نجاحا لافتا.
لكن آخر وأهم إنجازات البطل اليمني “أحمد عسكر” كان لقب البطولة الوطنية للأبطال في كوريا الجنوبية، ليحقق رقما قياسيا كونه أول لاعب عربي ويمني في رياضة (لكيك بوكسينغ)، ينافس على هذه الألقاب في كوريا الجنوبية بل ويحققها. وبات يستعد للمنافسة على حزام الأبطال المحترفين في كوريا الجنوبية.
وعن الذين شجعوه وساندوه في هذا الطريق قال: “الشخص الأول الذي شجعني كان أنا عندما آمنت بنفسي أنني قادر ولم أتهاون في يوم عن حلمي، أيضا من كان حريص على تعليمي وتشجيعي ممن هم حولي، الكابتن وليد الحكمي وأسرتي وبعض الأصدقاء، وأكثر من زرع ثقتي بأنني قادر كان مدربي الكابتن “خليل الأهدل” وصديقي “عبده النفيعي”.
وأهدى البطل إنجازه لوالده المريض وتمنى له الشفاء العاجل، ولوالدته التي أنهت كل الذهب الذي تملكة دعما له، ووجه سلامه وإهداء البطولة لكل اليمنيين، وخص أرواح شخصين كانا يتمنيان رؤويته وقد حقق النجاح قبل أن يفارقا الحياة، الأول “جده” الذي توفي في شهر رمضان المبارك والثاني صديقته “عهد الزوقري”.
“يخلق الإبداع من رحم المعاناة”
خاطب “عسكر” شباب بلاده والمبدعين بالقول: “دائماً مايخلق الإبداع والنجاح من رحم المعاناة، ورسالتي لكل الشباب سواء كانوا رياضيين أو غير ذلك، لاتقف وتنتظر أحد، فقط كن مؤمنا بقدرتك على التحدي، وارسم حلمك وخطط له وانطلق، وأضاف: علينا أن نؤمن أنه لن ننهض من بين كومة الركام والدمار هذه، إلا إذا أدركنا أن للشباب طاقات عظيمة، ونحن الشباب اليمني بكل مكان تضرب بنا الأمثال في النجاحات والتحدي والاصرار”.
وشدد على ضرورة التخلص من فكرة الإغتراب بكرامة فالاجيال القادمة لابد أن تعيش بكرامة في اليمن، ولأن ثمن الإغتراب قد يكلفك الكرامة التي خرجت بحثاً عنها لابد للشباب أن يصدر قراره وينطلق للنجاح، وأردف “لاتكن عائقا كبيرا أمام نفسك، اليمن في أمس الحاجة لشبابها، ليتحرك رواد الأعمال وأصحاب المشاريع الصغيرة.
وفي ختام حديثه أكد بطل قصتنا أن الشعب اليمني أصبح منهكا لدرجة خطيرة جدا، ولكن مازال الشعب لديه ما يستطيع عمله وسيبقى مصير هذه الجهود ملقا على عاتق جميع الأطراف، وطالب الجميع بأن يجعلوا اليمن وأمنه وسلامته ومصلحته فوق كل الإعتبارات والمصالح الخاصة، فالوطن يتسع للجميع.
المصدر| يمن ستوري/ محمد مطر – مصعب عفيف