في العيد .. الأغنية اليمنية تصلح ما أفسدته السياسة
يحل عيد الفطر على اليمنيين في ظل حرب مستمرة دخلت عامها الخامس وأدت لأكبر مأساة إنسانية، لكن الصراع السياسي بلغ مداه هذه المرة وانتزع فرحة العيد من اليمنيين بعد أن انقسموا إلى فريقين، فريق احتفل بالعيد يوم الثلاثاء بناء على فتوى الحكومة المعترف بها دوليا، وفريق احتفل بالعيد يوم الأربعاء، بناء على فتوى جماعة “أنصار الله” الحوثيين.
وعلى الرغم من هذه الحرب المأساوية والانقسام الذي أحدثه الصراع في المجتمع اليمني، حافظت الأغنية اليمنية على موقعها في قلوب اليمنيين خلال هذه المناسبة الدينية، واتفق اليمنيون على إحياء عيدهم بمجموعة أغاني عيدية، أبرزها الأغنية التاريخية للفنان الراحل علي الآنسي (آنستنا يا عيد)، وهي أغنية أضحت أيقونة العيد في اليمن.
أيقونة العيد
ومنذ أكثر من ثلاثة عقود ارتبطت هذه الأغنية ارتباطا وثيقا في ذهنية اليمنيين رغم غزارة الإنتاج وتعدد الأغاني العيدية، وخلال أيام العيد كل عام تحضر (آنستنا ياعيد)، بشكل يطغى على كل شيء وتسمع الأغنية في الوسائل الإعلامية الرسمية والخاصة في اليمن، وداخل السيارات والموبايلات ناهيك عن المنازل والأسواق.
وتعود كلمات هذه الاغنية إلى الأديب اليمني الراحل “عباس محمد المطاع”، وهو شاعر ومثقف يمني ولد في عام 1928م، في مديرية مناخة التابعة لمحافظة صنعاء، وتوفي في السادس من مارس/آذار 1993م، ويعد المطاع من أبرز رواد الاغنية الشعبية والوطنية في اليمن، وألف العديد من القصائد التي غناها فنانون يمنيون، وصدرت له عدة دواوين بعد رحيله، منها أشواق وأشواك (1994م)، وصوت الوطن، (ديوان شعري مطبوع)، وأغاريد من صنعاء، وهو ديوان شعري مخطوط، ومن أبرز قصائده الوطنية (ياسماوات بلادي باركينا)، و (يا شعب فلسطين) والتي غناها الفنان أيوب طارش.
كلمات لا تنسى
وتحث كلمات الاغنية على الاحتفاء بالعيد، ونسيان الهموم والأوهام، والتسامح والمرح، والانفتاح والتواصل مع الناس خلال العيد، والتحلي بالسجايا الإيجابية، ونسيان الأحقاد، والحرص على الظهور بالفرح والبشاشة.
وتؤكد المراجع التاريخية للتراث الفني أن كلمات الأغنية كانت وليدة اللحظة، حيث قيلت في ليلة عيدية كان يجتمع فيها كل من الفنان “علي بن علي الآنسي”، والشاعر “عباس المطاع”، وأحد المسئولين في إذاعة صنعاء، قبل ثلاثة عقود من الزمن، وحينها كان النقاش يدور حول أغنية عيدية لجمهور اليمنيين كما هو حاصل في معظم الأقطار العربية، وفي تلك الليلة توفرت كل العناصر لعمل أغنية “آنستنا يا عيد”، وتم تلحين وتسجيل الأغنية في ذات اليوم وبثت عبر إذاعة صنعاء في اليوم التالي الذي كان يصادف يوم العيد.
https://youtu.be/U3a8g1ksGPk
الأغنية والحرب
يصل عمر الاغنية اليوم الى أكثر من 37 عاما، وغناها الفنان الراحل علي بن علي الأنسي، واشتهرت به، وحاول بعض الفنانين الجدد تقديمها من جديد، لكن ظل طابع الاغنية ومذاقها مرتبطا بالأداء الأول الذي غناه الانسي، الفنان الذي رحل في العام 1981م مخلفا وراءه مكتبة فنية ثرية باللون الصنعاني، وغيره من ألوان الفن اليمني.
وفي كل الأحوال والظروف تلاقي أغنية (آنستنا يا عيد) رواجا شعبيا واسعاً لدى اليمنيين أيام العيد في الداخل والخارج، وظلت متجددة وتتجدد عاماً بعد عام، وجيلا بعد جيل، وارتبطت كهوية بالعيد واليمنيين في وقت واحد، وإن كانت الاغنية قد ترسخت بهذا الشكل خلال الأعوام الماضية، فإنها اليوم تأتي لتعيد قليلا من رونق العيد، في ظل وضع سيء يعانيه اليمنيين واليمن بشكل عام، جراء الأوضاع الإنسانية التي تعانيها البلاد بسبب الحرب.
المصدر| يمن ستوري